التأله عند القديس أبومقار الكبير
تحدث القديس أبومقار الكبير (مقاريوس) كثيرا جدا عن التأله ( لمراجعة المقصود بلفظ التأله و شرحه وفق الفكر الارثوذوكسي أضغط هنا
1- شرح معني التأله بالتبادل مع مرادفات كثيرة
- أن التأله و غيره من المصطلحات كما ذكرنا سابقا يسخدمه القديس أبومقار بتبادل واضح جدا ، هذه التعبيرات ما الا شرح لمعنى التأله مثل (النفوس التي قامت- تتمجد- تستنير- لبسو مجد النور الإلهي-مسحاء - الهة- اولادا لله..) :
[أما عند قيامة الأجساد التي قد قامت نفوسها قبلا وتمجدت، فحينئذ تتمجد الأجساد أيضا معها وتستنير مع النفس التي قد استنارت منذ الآن وتمجدت، لأن الرب يكون بيتهم وخيمتهم ومدينتهم. فلقد لبسوا «المسكن الذي من السماء غير المصنوع »، أي مجد النور الإلهي، کونهم صاروا أبناء للنور، فلن يرمقوا بعضهم بعضا بعين شريرة، لأن الشر يكون قد انتفى. هناك «لیس ذكر وأنثي، عبد و حر»، إذ يتغير الجميع إلى طبيعة ذات صفات إلهية(و ليس للطبيعة الإلهية نفسها)، صائرين مسحاء وآلهة وأولادا لله. هناك سيتكلم الأخ حينئذ بلا خجل مع أخته بالسلام، لأنّ جميعهم وجميعهن يكونون واحدا في المسيح، مستريحين في نور واحد. سيتطلع الواحد إلى الآخر، وفيما هم يتطلعون سيشعون للوقت مرةأخرى بالحق، برؤيتهم الحقيقية للنور الذي لا يعبر عنه.]
عظة 34 : 2
- كما يستخدم لفظ التأله كمرادف لكلمة ابن الله و التقديس من الميرون فيقول في عظته عن التواضع
[الذي يخضع نفسه ويغضب على ذاته وشهواته الملازمة له، فإنه يصبح بمثابة من أخضع مدينة أعدائه، ويصير أهلا لأن يرتقي إلى قامة الروح القدس الصالحة، ويحصل بالقدرة الإلهيّة على الإنسان النقي و يغدو أعظم من نفسه. لأن مثل هذا الإنسان يتأله ويصبح ابن لله، نائلا السمة السماوية في نفسه، إذ إن مختاري الله يمسحون بزيت التقديس و يصيرون شرفاء بل و ملوكا.]
عظة ١٥: ٣٥
2- إن التأله عمل ثالوثي و بواسطة الروح القدس الذي يعمل فينا و نتأله بواسطته
- فيقول
[كما أنه بواسطة المزمار تصدر النسمة صوتا عند مرورها فيه، هكذا بواسطة القديسين ولا بسي الروح يكون الروح القدس مسبحا ومرتلا ومصليا لله في القلب النقي.]
عظة 47 : 14
- كما يقول أيضا
[فيصلي الروح نفسه في داخلنا، لكي يعلمنا الروح ذاته الصلاة الحقة التي لا نقتنيها الآن حتى ولو قسرا، والتواضع الحقيقي الذي لا نقدر أن نحققه الآن حتى ولو غصبا، و»أخشاء رأفات ولطفا«، وكل وصايا الرب - يعلمنا أن نعملها بالحق وبلا تعب ولا تغصب. لأن الروح نفسه يعرف أن يملأنا بثماره، وهكذا - إذا ما أتممنا وصايا الله بواسطة روحه الذي هو وحده يعرف مشيئة الرب، وإذا كملنا الروح في نفسه وتكامل هو فينا، وصرنا مطهرين من كل دنس الخطيئة وعيبها - يزف نفوسنا للمسيح، طاهرة وبلا عيب، كعرائس بهية، و يستريح في الله، في ملكوته ويستريح الله فينا إلى الدهور التي لا نهاية لها. فالمجد لرأفاته ورحمته ومحبته، لأنه لمثل هذه الكرامة والمجد أهل جنس البشر - أهلهم بنين للآب السماوي، ودعاهم إخوته الأخصاء، فله المجد إلى الدهور، آمين.]
عظة 19 : 9
3- التأله يبدا من الان و يكتمل في الملكوت السماوي
- إن التأله لا يبدأ بعد الموت بل إن ما لم تقبل النفس تقديس الروح في هذا العالم فإنها تحسب غير لائقة بملكوت السموات:
[فيتعين علينا إذا أن نحب الرب، وتجتهد بكل وسيلة في سائر الفضائل، ونسأله بمداومة ومثابرة، لكي نقبل موعد روحه بالتمام والكمال، حتى تحيا نفوسنا ونحن بعد في الجسد. فما لم تقبل النفس تقديس الروح في هذا العالم بإيمان كثير وتوسل، وما لم تصر شريكة للطبيعة الإلهية و ممتزجة بالنعمة التي تمكنها من تکميل كل وصية بلا لوم وبنقاوة، فإنها تحسب غير لائقة لملكوت السماوات، لأن ما اقتناه أحد من صلاح منذ الآن، هذا عينه سيكون له حياة في ذلك اليوم، بواسطة الآب والابن والروح القدس إلى الدهور، آمين.]
عظة 44 : 9
- و يقول ايضا أن التأله هو عربون الملكوت
[هؤلاء قد ألبسهم الرب لباس ملكوت النور الذي لا يُنطق به، لباس الإيمان والرجاء والمحبة والفرح والسلام والصلاح واللطف وكل الملابس الأخرى الإلهية الحيّة التي لنور الحياة، ملابس الراحة التي لا يُعبّر عنها، حتى كما أن الله نفسه هو محبة وفرح وسلام ولطف وصلاح، فكذلك يكون الإنسان الجديد بالنعمة.
وكما أن مملكة الظلمة والخطيئة تبقى خفيّة في النفس إلى يوم القيامة، الذي فيه سوف تُغمر أجساد الخطاة أيضًا بالظلمة المختفية الآن في النفس، هكذا مملكة النور، والصورة السماوية ـ يسوع المسيح ـ يضئ الآن سرًا داخل النفس، ويملك في نفوس القديسين ولكنه مخفي عن عيون الناس، وعيون النفس فقط هي التي ترى المسيح حقًا حتى يأتي يوم القيامة، الذي فيه سيُغمر الجسد أيضًا بنور الرب ويتمجد به، ذلك النور المختفي الآن في نفس الإنسان، ليملك الجسد أيضًا مع النفس التي تنال منذ الآن ملكوت المسيح وتستريح مستنيرة بالنور الأبدي .....
فالمجد لمراحمه وحنانه وشفقته، لأنه هكذا يعطف على عبيده وينيرهم، وينقذهم من مملكة الظلمة ويمنحهم نوره الخاص وملكوته الخاص. له المجد والقدرة إلى الأبد آمين.]
عظة ٣ :٦
4- تسبحة علي التأله
وأخيرا نختم بتسبحة للقديس ابومقار الكبير عن هبة الشركة معه:
[آه، يا لِعظم تحنّن الله الذي يفوق الوصف، فإنه يعطى نفسه مجاناً لأولئك الذين يؤمنون به حتى أنهم في وقت قليل يرثون الله، ويسكن الله في الإنسان ويتخذ من الإنسان منزلاً حسناً له! وكما أن الله خلق السماء والأرض ليسكن الإنسان فيهما، كذلك فإنه خلق جسد الإنسان ونفسه ليكونا منزلاً له، لكي يسكن ويستريح في جسد الإنسان كما في منزله الخاص، ويتخذ من النفس الحبيبة عروساً جميلة له مخلوقة على صورته. لأن الرسول يقول: "خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2كو2:11). وأيضاً " وبيته نحن" (عب6
... فانظر هنا نظرة جادة لكي تفهم وتتعلّم. أنصت الآن : فإنه هو إله، أما النفس فليست إلهاً.
إنه هو رب، وهى عبدة.
هو خالق، وهى مخلوقة .
هو صانع، وهى صنعة يديه.
وليس هناك شيء مشترك بين طبيعة الله وطبيعة النفس. ولكن بواسطة محبته ورأفته التي لا تحد والتي تفوق الوصف والإدراك، سُرّ الله أن يسكن في هذا المخلوق العاقل، في صنعة يديه، الثمينة والعجيبة، كما يقول الكتاب "لكي نكون باكورة من خلائقه" (يع18:1). لنكون نحن حكمته وشركته، ومسكنه الخاص، وعروسه الطاهرة.]
عظة 49 : 4
تعليقات
إرسال تعليق