معني غضب الله ؟ هل غضب الله انفعال !

الله منزه عن المشاعر الإنسانية الضعيفة ، فلاهوت الله ليس فيه غضب و غيظ و غيرة ، و غيرها من الألفاظ التي تشير أن طبيعة الله "اللاهوتية" فيها مشاعر ضغينه أو مشاعر ضعيفة مثل الإنسان.
"وَأَمَّا الآنَ فَلأَنَّ غَضَبَهُ لاَ يُطَالِبُ، وَلاَ يُبَالِي بِكَثْرَةِ الزَّلاَّتِ" أيوب 35 : 15
بمعني أن الله لا أحد يقدر أن يثير غضبه أو يغيظه بكثرة الخطايا .
لكن قيلت هذه التعبيرات في الكتاب المقدس لكي توضح موقف الله تجاه الأنسان و خطاياه
و من أقوال الآباء:
1- إكلمنضس السكندري:
[بالحقيقة اللاهوت لا يغضب كما يظن البعض، إنما عندما يستخدم الله تهديدات كثيرة، إنما يصنع هذا مناشدة مظهرًا للبشرية الأمور التي ستتحقق. هنا إجراءات بالتأكيد صالحة، يغرس الخوف ليحفظنا من الخطية. "مخافة الربّ تطرد الخطية، فمن ليس فيه خوف لا يقدر أن يتبرر". العقاب الذي يفرضه الله ليس عن غضبٍ بل عن عدلٍ، فمن يتجاهل: العدل لا يحقق تقدم]
القديس إكليمنضس السكندري - كتاب المربي
Paedagogus, FOTC... Vol. 23, p. 61-62.
2-القديس كيرلس الكبير:
[لا ينبغي لأحد أن يسمح لنفسه بأن يُقسم حينما يسمع أن الله أقسم لإبراهيم. لأن الغضب حينما يقال على الله، هو ليس غضبًا، ولا يعني العاطفة (الإنفعال) ولكنه يقصد القوة المستخدمة في العقوبة أو بعض الأفعال المماثلة، كذلك ليس الحلف هو فعل القسم. لأن الله لا يقسم، ولكن يُشير إلى يقينية الحدث- أي أن ما يقوله سوف يحدث بالضرورة. لأن قسم (حلف) الله هو كلمته الخاصة، التي تحث وتقنع الذين يسمعونه، وتمنح كل واحد الإيمان الراسخ بأن ما وعد به وقاله سوف يحدث بالتأكيد ]عظة تمهيدية للقديس كيرلس الكبير، في شرحه لأنجيل لوقا
3- القديس يوحنا ذهبي الفم:
[لاحظوا دقة التعبير: "تذخر لنفسك غضبًا"، موضحًا أن الدينونة لا تصدر عن الديّان إنما هي نتيجة لعمل الخاطئ، إذ لا يقول "يذخر الله لك" وإنما "تُذخّر لنفسك"... أنه يحاول اجتذابك بكل وسيلة، فإن ظللت على عنادك تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة. ولكن لا يتبادر إلى ذهنك أن غضبه انفعال عنيف إنما هو العدالة، هو "استعلان"، حيث ينال كل إنسان ما يستحقه ]
العظة 6 في شرح رومية 2 القديس يوحنا ذهبي الفم
العظة 6 في شرح رومية 2 القديس يوحنا ذهبي الفم
4-القديس إغريغوريوس النزيانزي
[لقد ورد في الكتب الإلهية أن الله ينام (مز 77 :65) ، و يستقيظ (دا 9 : 14) ، و يغضب (أش 5 : 25) ، و يمشي (تك 3: 8 ، 11 : 15 ) و أنه جالس علي الكروبين ( أش 37 : 16 ، مز 79 :2 ) . فهل أُخضع لذلك كله في الحقيقة ؟ هل بلغك يوما أن لله جسما ؟ إنها أشياء لا توجد إلا في المخيلة . و قد استعرنا ما لنا لندل بعض الدلالة علي أمور الله . فبقولنا (ينام) نُعبر عن أن الله يبتعد عنّا و كأنّه يُهملنا لأسباب يعرفها هو ، إذ إنّ النوم يعني لدينا التوقف عن كل نشاط و كل عمل . و بقولنا ( يستقيظ) نُشير إلي أنه عاد علينا بالخير ، إذ إنّ الاستيقاظ هو النهوض من النوم ، كما أنّ النظر إلي شخص ما هو عدم التحّول عنه . وعندما يعاقبنا الله نتصور أنه غاضب ، لأن العقوبة لدينا تصدرُ عن الغضب . وهو يعمل تارة هنا ، و تارة هناك ، فتغبر عن ذلك بالمشي لأن المشي انتقال من مكان إلي أخر . وهو يرتاح إلي القّوات المقدسة ، و كأنما يطيب له أن يقيم فيما بينهما : إنه جالس و له عرش ، إنها صورة مأخوذة مما لنا ، إذ إن الألوهة لا ترتاح إلي أحد كما ترتاح إلي القديسين . إنه يتحرك بسرعة ، فهو يطير (مز 17 : 11) , إنه ينظر إلينا و كأن له وجهها ( مز 33 : 17 إلخ ) . إنّه يُعطي و يتقبل و كأن له يدا (مز 10 : 12 إلخ ) . و خلاصة القول أن أعمال الله المختلفة قد عُبر عنها بصورة مادية.]
القديس إغريغوريوس النزيانزي : الخطاب 30 - ف 22
لأننا نحن أيضًا حينما نريد أن نوجه أولادنا ونُصَحِّح أخطاءهم نظهر أمامهم بصورةٍ مخيفةٍ ووجهٍ صارمٍ وحازمٍ لا يتناسب مع مشاعرنا الحقيقية، إنما يتناسب مع طريقة التأديب.
إذا أظهرنا على وجوهنا التسامح والتساهل الموجود في نفوسنا ومشاعرنا الداخلية تجاه أطفالنا بشكلٍ دائمٍ، دون أن نغير ملامح وجوهنا بحسب تصرفات الأطفال، نفسدهم ونردهم إلى الأسوأ. بهذه الطريقة نتكلم عن غضب الله، فحينما يُقَال إن الله يغضب، فإن المقصود بهذا الغضب هو لتوبتك وإصلاحك، لأن الله في حقيقته لا يغضب ولا يثور، لكنك أنت الذي ستتحمل آثار الغضب والثورة عندما تقع في العذابات الرهيبة القاسية بسبب خطاياك وشرورك، في حالة تأديب الله لك بما نسميه غضب الله!]
العلامة أوريجانوس Homilies on Jer., 18.
وبمنطق هذه المصطلحات ومعناها، ينبغي أن نخشاه بكونه المخوف المجازي عن أعمالنا، وأن نخشى عمل أي شيء ضد إرادته. لأن الطبيعة البشرية قد ألفت أن تخشى أولئك الذين تعرف أنهم ساخطون، وتفزع من الإساءة إليهم، كما هو الحال مع بعض القضاة البالغين ذروة العدالة.
فالغضب المنتقم يخشاه عادة أولئك الذين يعذبهم اتهام ضمائرهم لهم، بالطبع ليس لوجود هذه النزعة في عقول هؤلاء الذين سيلتزمون بالإنصاف في أحكامهم. لكن بينما هم في غمرةٍ من هذا الخوف، فإن ميول القاضي نحوهم تتسم بالعدالة وعدم التحيز واحترام القانون الذي ينفذه. وهذا مهما سلك بالرفق واللطف، موصوم بأقسى نعوت السخط والغضب الشديد من أولئك الذين عوقبوا بحقٍ وإنصافٍ]
القديس يوحنا كاسيان
Cassian: De institutis caenoboum, 8:2-4.
[الله صالح، ليس فيه انفعالات، ولا يتغيَّر. يَقْبَل الإنسان هذا القول كحقيقة صادقة بأن الله لا يتغيَّر، لكنه يحار متسائلًا كيف يفرح الله بالصالحين، ويترك الأشرار، ويغضب على الخطاة ويظهر لهم رحمة إن تابوا؟! والإجابة على هذا هي أن الله لا يفرح ولا يغضب، لأن الفرح والغضب انفعالات، ومن السخافة أن نظن أن اللاهوت يمكن أن ينتفع أو يُضَرّ بواسطة تصرُّفات بشرية. فالله صالح، ولا يصنع إلا الصلاح. إنه لا يضر أحدًا ويبقى كما هو عليه على الدوام. أما بالنسبة لنا، فإننا عندما نكون صالحين ندخل في شركة مع الله بتشبُّهنا به. وعندما نصير أشرارًا نحرم أنفسنا من الله بعدم تشبُّهنا به.
عندما نعيش حياة فاضلة نكون مِلْكًا لله، وعندما نصير أشرارًا نهجره. هذا لا يعني إنه يغضب منا بل من خطايانا التي تحجب وجهه عنا وتربطنا بالمضايقين الذين هم الشياطين.
أما (عند التوبة) فبالصلوات وصنع الخير (مع الإيمان به) نحصل على نزع الخطايا. هذا لا يعني أننا نسترضيه ونُغَيِّره، بل بأعمالنا هذه وعودتنا إليه نكون قد شفينا (بنعمته) من الشر الذي في أنفسنا، وصرنا قادرين على أن نكون شركاء لله في صلاحه. هكذا أيضًا بالنسبة للقول "إن الله يترك الأشرار"، فإننا كمن يقول بأن الشمس تخفي ذاتها عمن يفقدون بصرهم]
الانبا انطونيوس الكبير
القمص تادرس يعقوب ملطي ، الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 150.
5- العلامة أوريجانوس:
[تجد أجزاء كثيرة في الكتاب المقدس يتشبَّه فيها الله بصفات الإنسان. فإذا سمعت يومًا كلمات "غضب الله وثورته" لا تظن أن الغضب والثورة عواطف وصفات موجودة عند الله، إنما هي طريقة بها يتنازل الله ويتكلم ليؤدب أطفاله ويصلحهم.لأننا نحن أيضًا حينما نريد أن نوجه أولادنا ونُصَحِّح أخطاءهم نظهر أمامهم بصورةٍ مخيفةٍ ووجهٍ صارمٍ وحازمٍ لا يتناسب مع مشاعرنا الحقيقية، إنما يتناسب مع طريقة التأديب.
إذا أظهرنا على وجوهنا التسامح والتساهل الموجود في نفوسنا ومشاعرنا الداخلية تجاه أطفالنا بشكلٍ دائمٍ، دون أن نغير ملامح وجوهنا بحسب تصرفات الأطفال، نفسدهم ونردهم إلى الأسوأ. بهذه الطريقة نتكلم عن غضب الله، فحينما يُقَال إن الله يغضب، فإن المقصود بهذا الغضب هو لتوبتك وإصلاحك، لأن الله في حقيقته لا يغضب ولا يثور، لكنك أنت الذي ستتحمل آثار الغضب والثورة عندما تقع في العذابات الرهيبة القاسية بسبب خطاياك وشرورك، في حالة تأديب الله لك بما نسميه غضب الله!]
العلامة أوريجانوس Homilies on Jer., 18.
6- القديس يوحنا كاسيان:
[حين نقرأ عن غضب الرب وسخطه، ينبغي ألا نفهم اللفظ وفق معنى العاطفة البشرية غير الكريمة. إنما بمعنى يليق بالله، المُنَّزه عن كل انفعالٍ أو شائبةٍ. ومن ثم ينبغي أن ندرك من هذا أنه الديان والمنتقم عن كل الأمور الظالمة التي تُرتكَب في هذا العالم.وبمنطق هذه المصطلحات ومعناها، ينبغي أن نخشاه بكونه المخوف المجازي عن أعمالنا، وأن نخشى عمل أي شيء ضد إرادته. لأن الطبيعة البشرية قد ألفت أن تخشى أولئك الذين تعرف أنهم ساخطون، وتفزع من الإساءة إليهم، كما هو الحال مع بعض القضاة البالغين ذروة العدالة.
فالغضب المنتقم يخشاه عادة أولئك الذين يعذبهم اتهام ضمائرهم لهم، بالطبع ليس لوجود هذه النزعة في عقول هؤلاء الذين سيلتزمون بالإنصاف في أحكامهم. لكن بينما هم في غمرةٍ من هذا الخوف، فإن ميول القاضي نحوهم تتسم بالعدالة وعدم التحيز واحترام القانون الذي ينفذه. وهذا مهما سلك بالرفق واللطف، موصوم بأقسى نعوت السخط والغضب الشديد من أولئك الذين عوقبوا بحقٍ وإنصافٍ]
القديس يوحنا كاسيان
Cassian: De institutis caenoboum, 8:2-4.
7-الانبا أنطونيوس الكبير
[الله صالح، ليس فيه انفعالات، ولا يتغيَّر. يَقْبَل الإنسان هذا القول كحقيقة صادقة بأن الله لا يتغيَّر، لكنه يحار متسائلًا كيف يفرح الله بالصالحين، ويترك الأشرار، ويغضب على الخطاة ويظهر لهم رحمة إن تابوا؟! والإجابة على هذا هي أن الله لا يفرح ولا يغضب، لأن الفرح والغضب انفعالات، ومن السخافة أن نظن أن اللاهوت يمكن أن ينتفع أو يُضَرّ بواسطة تصرُّفات بشرية. فالله صالح، ولا يصنع إلا الصلاح. إنه لا يضر أحدًا ويبقى كما هو عليه على الدوام. أما بالنسبة لنا، فإننا عندما نكون صالحين ندخل في شركة مع الله بتشبُّهنا به. وعندما نصير أشرارًا نحرم أنفسنا من الله بعدم تشبُّهنا به.
عندما نعيش حياة فاضلة نكون مِلْكًا لله، وعندما نصير أشرارًا نهجره. هذا لا يعني إنه يغضب منا بل من خطايانا التي تحجب وجهه عنا وتربطنا بالمضايقين الذين هم الشياطين.
أما (عند التوبة) فبالصلوات وصنع الخير (مع الإيمان به) نحصل على نزع الخطايا. هذا لا يعني أننا نسترضيه ونُغَيِّره، بل بأعمالنا هذه وعودتنا إليه نكون قد شفينا (بنعمته) من الشر الذي في أنفسنا، وصرنا قادرين على أن نكون شركاء لله في صلاحه. هكذا أيضًا بالنسبة للقول "إن الله يترك الأشرار"، فإننا كمن يقول بأن الشمس تخفي ذاتها عمن يفقدون بصرهم]
الانبا انطونيوس الكبير
القمص تادرس يعقوب ملطي ، الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 150.
تعليقات
إرسال تعليق