عن أهمية قراءة الأسفار المقدسة

 عن أهمية قراءة الأسفار المقدسة يقول القديس يوحنا ذهبي الفم :



[ كما أنني أيضا أتوسل إليكم دائما ، لتنتبهوا إلي ما أقوله هنا( في عظته) ، إنما أيضا لكي تواصلوا بإستمرار قراءة الأسفار الإلهية عند عودتكم إلي منازلكم. وعندما كنت أجلس مع كل منكم علي إنفراد ، لم أكن أكف عن إعطائكم نفس النصيحة.
أرجو أن لا يتفوه أحدكم بتلك الكلمات الفارغة التي تستحق أعظم توبيخ: ’أنا لا أستطيع أن أترك دار القضاء، أنا أدير شئون المدينة، أنا أمارس حرفة معينة، أنا عندي زوجة، أنا أربي أطفالا، أنا مسئول عن البيت، أنا من أهل العالم، إن قراءة الأسفار المقدسة لا تناسبني، إنما هي عمل الذين أعتزلوا العالم، الذين سكنوا قمم الجبال، الذين يستمرون في عزلتهم علي الداوم‘. و ماذا تقول يا رجل؟ إن الاهتمام بقراءة الإنجيل لا يلائمك، لأنك مُحاط بالمشغوليات من كل ناحية؟ بل بالحري إن احتياجك إلي معونة الأسفار المقدسة يفوق احتياجهم (أي الرهبان) إليها. إن الرهبان، الذين تحرروا من جلبة السوق و الإزعاج و بنوا أكواخهم في الصحراء، الذين ليست لهم معاملات مع أي إنسان، إنما يمارسون حياة النسك بدون خوف في سكون تلك الحياة الهادئة، و كأنهم رسوا في الميناء، يتمتعون بحصانة عظيمة؛ أما نحن، و كأن الأمواج تتفاذفنا في عرض البحر، و تتجاذبنا خطايا عديدة، نحتاج إلي الداوم إلي المعونة المستمرة التي نستمدها من الكتاب المقدس. هؤلاء (أي الرهبان) رسوا بعيدا عن أرض المعركة،ولذلك فإن الطعنات لا تصيبهم بكثرة أما أنت فتقف باستمرار علي الجبهة، و تتلقي الضربات بدون انقطاع. لذلك فأنت في حاجة إلي أدوية أكثر.
إن زوجتك تغيظك، مثلا ، و أبنك يحزنك، و خادمك يغضبك، و عدّوك يدبر الخطط ضدك، و صديقك يحسدك، و جارك يلعنك، و الجندي رفيقك يضايقك، و كثيراً ما تهددك المحكمة ، و يزعجك الفقر، و يحزنك ضياع ممتلكاتك، و الرخاء يجعلك تتكبر و تنتفخ، و سوء الحظ يجعلك تكتئب، و كم من أسباب كثيرة و إلتزامات تدفعك إلي الإحباط و الأسي، أو إلي الوهم و اليأس، و كم من قذائف لا حصر لها تسقط نحوك من كل ناحية. لأجل كل ذلك، فنحن في احتياج مستمر للتسلح بالكامل بأسلحة الكتاب المقدس. إذ لاحظ ، أنه مكتوب، إنك تسير وسط الفخاخ و تمشي علي أسوار المدينة (قارن سيراخ 9: 13) فمثلا، إن شهوات الجسد تهاجم بشراسة أعظم الذين يعيشون وسط العالم: الوجه الجميل ،و الجسم الرائع يبهر أعيننا، الجملة القبيحة تخترق آذاننا فتربك ذهننا، و كثيرا ما تضعف الأغنية المبتذلة احتشام نفوسنا. و لكن لماذا أقول لكم هذا الكلام؟ في حين أن مجرد رائحة عطر إحدي الخاطئات و هي تمر بجانبنا تأسرنا في الحال، و هذا تعتبر هجمة من أخف الهجمات التي تواجهنا. كما أن هناك أشياء أخري كثيرة مثل هذه تحاصر أنفسنا. فنحن نحتاج إلي الأدوية و العلاجات الإلهية لنشفي الجراحات التي أصابتنا، و لكي تحمينا و تحرسنا من الجراحات التي لم تصبنا بعد و لكنها سوف تصيبنا. يجب علينا أن نطفئ تماماً سهام إبليس و نطردها باستمرار بقراءة الأسفار الإلهية. إذ يستحيل علي أي إنسان أن يخلص بدون الاستفادة المستمرة من المطالعات الروحية. ففي الحقيقة، يجب أن نكون مقتنعين بعصوبة الجهاد لنوال الخلاص، حتي بالرغم من الاستعمال المستمر لهذا الدواء. و لكن إذ كنا نتلقي الضربات كل يوم و نحن لا نستخدم أي علاج أو وصاية طبية ، فأي رجاء لنا في الخلاص؟]

ترجمة نيافة الانبا سيرافيم أسقف الإسماعيلية - الغني و الفقير عظات يوحنا ذهبي الفم ص 57: 59

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفسير "الصخرة" في أيه إنجيل متي "علي هذه الصخرة ابني كنيستي" - القديس أوغسطينوس

تفسير القديس أوغسطينوس للعنف و الحروب في العهد القديم

أقوال أباء عن طبيعة عذاب النار أو جهنم